موضوع: نسوا الله فانساهم انفسهم الأحد أغسطس 15, 2010 9:20 am
السلام عليكم
ومن عقوباتها أنها تُنسي العبد نفسه فاذا نسي نفسه أهملها وأفسدها وأهلكها فان قيل كيف ينسي العبد نفسه وإذا نسى نفسه فاى شيء يذكره وما يعني نسيانه نفسه قيل نعم ينسى نفسه أعظم نسيان قال تعالى : ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون فلما نسوا ربهم سبحانه نسيهم وأنساهم أنفسهم كما قال تعالى : نسوا الله فنسيهم فعاقب سبحانه من نسيه عقوبتين أحدهما أنه سبحانه نسيه والثانية أنه أنساه نفسه ونسيانه سبحانه للعبد إهماله وتركه وتخليه عنه وإضاعته ونسيانه فالهلاك أدنى اليه من اليد للفم وأما إنساؤه نفسه فهو إنساؤه لحظوظها العالية وأسباب سعادتها وفلاحها وإصلاحها وما يكملها بنسيه ذلك كله جميعه فلا يخطر بباله ولا يجعله على ذكره ولا يصرف اليه همته فيرغب فيه فانه لا يمر بباله حتي يقصده ويؤثره وأيضا فينسيه عيوب نفسه ونقصها وآفاتها فلا يخطر بباله إزالتها واصلاحها وأيضا فينسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامها فلا يخطر بقلبه مداواتها ولا السعى في إزالة عللها وأمراضها التي تؤول بها الى الفساد والهلاك فهو مريض مثخن بالمرض ومرضه مترام به إلى التلف ولا يشعر بمرضه ولا يخطر بباله مداواته وهذا من أعظم العقوبة للعامة والخاصة فاي عقوبة أعظم من عقوبة من أهمل نفسه وضيعها ونسي مصالحها وداءها ودواءها وأسباب سعادتهما وصلاحها وفلاحها وحياتها الابدية في النعيم المقيم ومن تأمل هذا الموضع تبين له أن أكثر هذا الخلق قد نسوا أنفسهم حقيقة وضيعوها وأضاعوا حظها من الله وباعوها رخيصة بثمن بخس بيع الغبن وإنما يظهر لهم هذا عند الموت ويظهر كل الظهور يوم التغابن يوم يظهر للعبد أنه غبن في العقد الذي عقده لنفسه في هذه الدار والتجارة التى أتجر فيها لمعاده فان كل أحد يتجر في هذه الدنيا لآخرته فالخاسرون الذين يعتقدون أنهم أهل الربح والكسب إشتروا الحياة الدنيا وحظهم فيها فأذهبوا طيباتهم ولذاتهم بالآخرة وحظهم فيها في حياتهم الدنيا وحظهم فيها ولذاتهم بالآخرة واستمتعوا بها ورضوا بها واظمأنوا اليها وكان سعيهم لتحصيلها فباعوا وأشتروا وأتجروا وباعوا آجلا بعاجل ونسيئة بنقد وغائبا بناجز وقالوا هذا هو الزهرة ويقول أحدهم خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به فكيف أبيع حاضرا نقدا شاهدا في هذه الدار بغائب نسيئه في دار أخرى غير هذه وينضم الى ذلك ضعف الإيمان وقوة داعي الشهوة ومحبة العاجلة والتشبه ببني الجنس فأكثر الخلق في هذه التجارة الخاسرة التي قال الله في أهلها : أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون وقال فيهم : فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فاذا كان يوم التغابن ظهر لهم الغبن في هذه التجارة فتنقطع عليهم النفوس حسرات وأما الرابحون فإنهم باعوا فانيا بباق وخسيسا بنفيس وحقيرا بعظيم وقالوا ما مقدار هذه الدنيا من أولها الى آخرها حتي نبيع حظنا من الله تعالى والدار الآخرة بها فكيف بما ينال العبد منها في هذا الزمن القصير الذي هو في الحقيقة كغفوة حلم لا نسبة له إلى الدار القرار البتة قال تعالى : ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم ؛ وقال تعالى : يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها الى ربك منتاها إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها وقال تعالى : كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ؛ وقال تعالى : قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوم أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون , وقال تعالى : يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ؛ فهذه حقيقة هذه الدنيا عند موافاة يوم القيامة فلما علموا قلة لبثهم فيها وإن لهم دار غير هذه الدار دار الحيوان ودار البقاء رأوا من أعظم الغبن بيع دار البقاء بدار الفناء فاتجروا تجارة الأكياس ولم يغتروا بتجارة السفهاء من الناس فظهر لهم لتغابن ربح تجارتهم ومقدار ماشتروه وكل أحد في هذه الدنيا بائع مشتر متجر وكل الناس يغد فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ، فهذا أول نقد من ثمن هذا التجارة فتاجروا أيها المفلسون ويامن لا يقدر علي هذا الثمن ههنا ثمن آخر فان كنت من أهل هذه التجارة فأعط هذا الثمن التائبون العابدون والحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون والمقصود أن الذنوب تنسى العبد حظه من هذه التجارة الرابحة وتشغله بالتجارة الخاسرة وكفى بذلك عقوبة والله المستعان .
كتابــ / الجواب الكــافي
للإمــام ابن القيّــم الجوزيّة – رحمه الله تعالى -
تــنســيق : انـثى حالمة
[/color]
عدل سابقا من قبل لؤلؤة الجزائر في الجمعة أغسطس 20, 2010 4:03 am عدل 2 مرات
miss amu نَآئبة المُديرَة
≈ الجنـِـسِ *: :
≈ مسآهمآتـِـِك : 1228
موضوع: رد: نسوا الله فانساهم انفسهم الخميس أغسطس 19, 2010 2:35 am
thank you so much
انثى حالمة مُصممَة
≈ الجنـِـسِ *: :
≈ مسآهمآتـِـِك : 145
موضوع: رد: نسوا الله فانساهم انفسهم الخميس أغسطس 19, 2010 6:47 am
:5454:
تســلمي يا عمري
لؤلؤة الجزائر نَآئبة المُديرَة
≈ الجنـِـسِ *: :
≈ مسآهمآتـِـِك : 233
موضوع: رد: نسوا الله فانساهم انفسهم الجمعة أغسطس 20, 2010 4:03 am
يسلمو على الرد
بنوتـه كيووت أميِرَة نشيِطَة
≈ الجنـِـسِ *: :
≈ مسآهمآتـِـِك : 122
موضوع: رد: نسوا الله فانساهم انفسهم الأربعاء سبتمبر 15, 2010 1:30 am
مشكورهـ حبي على الموضوعـ الرااااائعـ
ريتال أميِرَة نشيِطَة
≈ مسآهمآتـِـِك : 133
موضوع: رد: نسوا الله فانساهم انفسهم السبت نوفمبر 13, 2010 7:04 am
:5454:
بنت الجزائر أميِرَة نشيِطَة
≈ الجنـِـسِ *: :
≈ مسآهمآتـِـِك : 185
موضوع: رد: نسوا الله فانساهم انفسهم الخميس نوفمبر 25, 2010 9:30 am